إعلان

المجددون في الإسلام.. الإمام الزهري حافظ السنة وأول من دوّن العلم

02:11 م الخميس 09 مايو 2019

أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هاني ضوه :

ابن شهاب الزهري .. عَلَم من أعلام الأمة الإسلامية الذي كان له أثرًا كبيرًا في حفظ السنة النبوية المطهرية وروايتها، وكذلك التأريخ لما قبل البعثة النبوية وما بعدها وفترة الخلافة الراشدة، كما أنه وضع هيكل تسلسلي للمغازي فكان سباقًا إلى ذلك.

ولد الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، سنة ثمان وخمسين بعد الهجرة، في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان، وفي نفس العام الذي توفيت فيه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.

عدَّهُ ابن الأثير الجزري ومحمد شمس الحق العظيم آبادي أحد المجددين على رأس المائة الأولى بصفته أحد المحدثين الذي أسهموا لشكل كبير في حفظ السنة النبوية المطهرة فقد ذكره بن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة، واعتبره كثير من العلماء أنه أول من دوّن العلم، فقال أبو الزناد: "كنا نطوف مع الزهري على العلماء ومعه الألواح والصحف يكتب كلما سمع". وقال كذلك: "كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كلما سمع. فلما احتيج إليه، علمت أنه أعلم الناس، وبصرت عيني به ومعه ألواح وصحف يكتب فيها الحديث".

جهوده في حفظ الحديث والسنة

نشأ الإمام الزهري فقيراً فأفنى وقته وحياته في طلب العلم، وأسهم في غزاره علمه وروايته أنه لازم عدد من صغار الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والتابعين، فتتلمذ على يد أنس بن مالك، وسهل بن سعد الساعدي، ومن التابعين، فقهاء المدينة السبعة، وعبيد الله بن عمر، وغيرهم من كبار التابعين، فبلغت مروياته كلها 2200 حديثًا أسند الزهري منها أكثر من ألف حديث عن الثقات.

وعن هذا يقول الإمام الزهري: "مكثت خمسًا وأربعين سنة أنقل أحاديث أهل الشام إلى الحجاز، وأحاديث أهل الحجاز إلى الشام، فما أجد أحدا يطرفني بحديث لم أسمعه".

وكان لجهوده هذه أثر كبير في حفظ السنة، فقال الإمام الشافعي عن ذلك: "لولا الزهري لذهبت السنن من المدينة". وذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من التابعين من أهل المدينة، وقال: "الزهري ثقة كثير الحديث والعلم والرواية فقيها جامعا".

ولهذا أصبح الإمام الزهري ضمن العلماء المحدثين الستة الذين اعتمد عليهم الناس في الحديث خاصة المدينة، فقال الإمام علي بن المديني: "كان هؤلاء الستة ممن اعتمد عليهم الناس في الحديث: الزهري لأهل المدينة، وعمرو بن دينار لأهل مكة، وأبو إسحاق والأعمش لأهل الكوفة، ويحي بن أبي كثير وقتادة لأهل البصرة".

وكان أهم الموضوعات التي تناولها في مروياته: بدء الخلق، وأخبار الأنبياء، وأحداث ما قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرته في العهد المكي، والمدني، وتناولت مروياته كذلك حقبة حكم الخلفاء الراشدين، وطرفاً من حقبة حكم الدولة الأموية.

أثره في التأريخ الإسلامي والسيرة والمغازي والفتن الكبرى

لم يكن الإمام الزهري مجرد محدث، بل كان واحدًا من أبرز المؤرخين للتاريخ الإسلامي وتاريخ ما قبل البعثة النبوية الشريفة وفترة الخلفاء الراشدين والفتن الكبرى.

كما كان له الفضل في العناية بالمغازي فوضع هيكلها وتتبع التسلسل الزمني في أحداثها واهتم بها اهتمامًا كبيرًا فأصبح العمدة فيها.

وأرّخ كذلك للأحداث الكبرى التي وقعت في أواخر الخلافة الراشدة خاصة تلك التي وقعت في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان ومقتله، ثم تولي الإمام علي للخلافة وما وقع من أحداث فيها مثل موقعة الجمل وصفين وما تلاها من استشهاد الإمام علي وتولى ابنه الإمام الحسن الخلافة ثم تنازله عنها لمعاوية بن أبي سفيان حقنًا لدماء المسلمين، وهي الأحداث التي رواها الإمام الزهري بشكل مباشر ودون واسطة لأنه عاصرها وشهدها.

توفي الإمام ابن شهاب الزهري ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة 124 هـ، ودفن في منطقة "شغب"، وهي منطقة تقع في آخر حدّ الحجاز وأول حد فلسطين.

فيديو قد يعجبك: