إعلان

شهر على "اقتلاع" البشير.. مفاوضات لتسليم السلطة وقتلى في ميدان الاعتصام

05:00 م الثلاثاء 14 مايو 2019

الرئيس السوداني السابق عمر البشير

كتبت- رنا أسامة:

تتسارع وتيرة الأحداث في الشارع السوداني منذ إعلان الجيش "اقتلاع" الرئيس عُمر البشير قبل 33 يومًا، بدءًا من تطهير مؤسسات وتغيير مُمارسات بهدف اجتثاث "فساد" النظام السابق، مرورًا باستجواب البشير في اتهامات بالفساد وغسل الأموال والتحريض على قتل المتظاهرين، وصولًا إلى اتفاق بين المجلس العسكري والمُعارضة السودانية حول "هيكل السلطة الانتقالية".

وفيما لم تتحدّد بعد معالم "سودان ما بعد البشير"، مع مواصلة المُحتجين اعتصاماتهم لحين تسليم السلطة إلى حكومة مدنية، دخلت المواجهات مع المجلس العسكري مُنعطفًا جديدًا بعد سقوط قتلى في محيط اعتصام القيادة العامة.

وفي خِضم تلك الأحداث، يُسابق المجلس العسكري الانتقالي الزمن لإرساء ما يصفها بدولة الحرية والعدالة في البلاد، على إيقاع الاحتجاجات والاعتصامات المتواصلة المطالبة بالمزيد من الديمقراطية.

وفيما يلي نرصد أبرز الأحداث منذ سقوط البشير

إقالات وترقيات

ما إن تولّى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي بالسودان، حتى مضى يُصدر سلسلة من قرارات بالإقالة والترقية والإحالة إلى التقاعُد، شملت بعض الدوائر الرسمية العُليا والأجهزة الأمنية، بما في ذلك أجهزة القضاء والإعلام والجيش.

شملت قرارات الإقالة إعفاء كلٍ من رئيس الجهاز القضائي، والنائب العام، ورئيس النيابة العامة، ومدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون، ووزير الخارجية المُكلّف، وأمين عام القصر الجمهوري، ووكيل وزارة الإعلام والاتصالات، ووكيل وزارة الموارد المائية والكهرباء، والأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم.

إلى جانب الأمين العام لديوان الزكاة، والمفوّض العام لمفوضية الأمان الاجتماعي وخفض الفقر، والمفوّض العام للمفوضية القومية لحقوق الإنسان، والمدير العام للصندوق القومي للتأمين الصحي. وكذلك سفراء السودان بمصر، والولايات المتحدة الأمريكية، وجنيف، وتايلاند، وإثيوبيا.

وفي أكبر حملة إعفاءات تشهدها الشرطة السودانية، تم إعفاء أعضاء هيئة القيادة الشرطة التي تضم 11 عضوًا، وعلى رأسهم مدير عام الشرطة الفريق الطيب فضيل، في إطار هيكلة جديدة وعد بها المجلس الانتقالي.

فيما أُحيل أكثر من ٢٩ لواء و١٤ عميدًا ومقدما إلى التقاعد، بالإضافة لمئات الضباط برُتب ملازم أول وملازم، أبرزهم وزير الدفاع وأول رئيس للمجلس العسكري عوض بن عوف، ونائبه رئيس الأركان كمال عبدالمعروف، ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني المُستقيل صلاح قوش.

اعتقال "رجال البشير"

بالتوازي مع حملة التطهير المؤسسي، اعتُقل الرئيس المعزول عُمر البشير، وما لا يقل عن 17 من رجاله، بينهم ولاة مدنيون وقيادات بحزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم سابقًا)، وتم ترحيلهم إلى سجن كوبر المركزي بالخرطوم.

أبرز المُعتقلين "والي ولاية الخرطوم الأسبق عبدالرحمن الخضر، ورجل الأعمال الشهير جمال الوالي، ووزير الدفاع الأسبق الفريق عبدالرحيم محمد حسين، ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم أسامة ونس، ورئيس البرلمان السوداني عمر إبراهيم".

وذكرت تقارير محلية أن كل قيادي مُعتقل في زنزانة منفردة داجل سجن كوبر، تفتقر إلى التكييف للتكيف وأجهزة التلفاز، بخلاف زنزانة البشير التي تضم تليفزيونًا ومُكيفًا للهواء يعمل بالماء، بالإضافة إلى سريرين ومقعدين، بحسب تقرير سابق لصحيفة "الانتباهة" السودانية.

فيما وُضِع رئيس الاستخبارات السوداني السابق، صلاح قوش، قيد الإقامة الجبرية بمنزله الكائن بضاحية الراقي جنوبي الخرطوم. وفي وقت سابق، أعلن المجلس العسكري إمكانية إحالته إلى سجن كوبر في أي وقت.

استجواب واعتراف

بعد أسبوعين من ترحيله إلى كوبر، استجوبت النيابة العامة السودانية الرئيس المعزول في جرائم تتعلّق بالفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأقرّ البشير بهذه التُهم كما كشف عن أشخاص آخرين متورّطين معه.

جاء ذلك بعد أن فُتِح بلاغان ضد البشير إثر العثور داخل منزله على مبلغ (7 ملايين يورو، إضافة إلى 350 ألف دولار، و5 مليارات جنيه سوداني).

كما وجّهت النيابة العامة اتهامات للبشير في الاشتراك والتحريض على قتل متظاهرين. وقُتِل ما لا يقل عن 90 شخصًا في أنحاء البلاد منذ بدء التظاهرات في نهاية ديسمبر الماضي، بحسب أحدث حصيلة أعلنتها لجنة أطباء السودان، مطلع مايو الجاري.

ويخضع البشير لمذكرتي توقيف دوليتين أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية عامي 2009 و2010 بتهمة "الإبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب" ارتُكبت في إقليم دارفور بين عامي 2003 و2008.

وفي وقت سابق، أكّد المجلس الانتقالي أن تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية شأنٌ تُقرره الحكومة المدنية التي ستتولى الحكم في البلاد لاحقًا، وليس من اختصاصاته.

مفاوضات الـ"72 ساعة"

تعثّرت المفاوضات بين المجلس العسكري وقِوى المعارضة السودانية أكثر مرة؛ إذ تتمثّل النقاط الخلافية بين الطرفين في "الفترة الانتقالية والرئاسة والسلطات". يعترض المجلس على تقليص اختصاصات مجلس السيادة رغم موافقته على أن يكون مُختلطًا بين المدنيين والعسكريين، وهو أمر ترفضه قِوى إعلان الحرية والتغيير، وتتمسّك في أن يكون المجلس رمزيًا بمهام تشريفية.

وبعد سِجالات طويلة، استؤنِفت الجولة الرابعة من المفاوضات بين الجانبين، وتُعرف بـ"مفاوضات الـ72 ساعة"، ظُهر أمس الاثنين، بقاعة الصداقة في العاصمة السودانية الخرطوم. وتمخّض عنها اتفاق حول "هيكل السلطة الانتقالية".

وقال المتحدث باسم المجلس العسكري، شمس الدين كباشي، "اتفقنا على المهام والسلطات على المستويات "السياسية والتنفيذية والتشريعية". في المقابل، قال المتحدث باسم المحتجين، طه عُثمان، إن "الطرفين توصلا إلى اتفاق لتشكيل (مجلس سيادي) جديد محل المجلس العسكري، يضم ممثلين عن العسكريين ومدنيين".

في تلك الأثناء، تصاعدت الأحداث في الخرطوم بعد أن تجمّع عشرات المتظاهرون للضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة للمدنيين. حاولت قوات الدعم السريع والشرطة تفريقهم منطقة الخرطوم بحري، باستخدام الغاز المسيل للدموع، وأزالت الحواجز التي أقاموها في شارع رئيسي بالعاصمة.

وفكّكت الشرطة المدعومة بقوات الدعم السريع، المتاريس التي أقامها المحتجون عند مدخل جسر الملك نمر، وهو شريان رئيسي لحركة السير في الخرطوم، ما أدى إلى اختناقات مرورية، بحسب رويترز.

دماء على وقع "اتفاق الهيكلة"

لم تكُد تمر ساعات على الاتفاق، حتى تصاعدت الأحداث مُجددًا في محيط ساحة الاعتصام أمام القيادة العام للجيش السوداني بالخرطوم، بعد هجوم استهدف مُعتصمي القيادة العامة، نفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عنه. وأوقع الهجوم 6 قتلى، بينهم ضابط في الجيش السوداني، وأكثر من 100 جريح.

وقال المجلس العسكري في بيان، مساء الاثنين، إن "مجموعات تسلّلت إلى ساحة الاعتصام وعدد من المواقع الأخرى وأطلقت النيران على المُعتصمين وأحدثت انفلاتًا أمنيًا"، مُضيفًا أن "جهات تتربص بالثورة تعمل على إجهاض أي اتفاق، وتريد إدخال البلاد في نفق مظلم".

وكانت قِوى إعلان الحرية والتغيير اتهمت من قالت إنهم "عناصر تابعون للأمن والمليشيات" بإطلاق الرصاص على مواقع المعتصمين في محيط قيادة الأركان. وطالبت المجلس العسكري بحماية المعتصمين، وقالت إنهم تعرضوا لاعتداءات وأعمال عنف.

وأغلق محتجون عددًا من الشوارع في أحياء العاصمة السودانية، تزامنًا مع اعتصامات وإضرابات ووقفات احتجاجية نفذها موظفون في عدد من مؤسسات البلاد.

كما طالبت قوى الحرية والتغيير، في بيان، المجلس العسكري بالقيام بواجباته في حماية المتظاهرين. وأشارت إلى أن ساحة الاعتصام في الخرطوم بجانب مناطق متفرقة من العاصمة شهدت أحداث عنف واعتداءات "تستوجب الرد الصارم".

فيديو قد يعجبك: